تميم البرغوثي | مع تميم - الديك والبيضة
"عن الديك والبيضة والكوكاتريس، وخطة تهزيء الشعب الكريم" اقتباس من مقال صحفي
في عام 1474 في بازل بسويسرا قُدم ديك للمحاكمة بتهمة أنه باض بيضة، وجاء في قرار اتهامه أنه متهم بارتكاب الفعلة الوحشية الشنعاء المنافية للطبيعة بأن باض بيضة، وكان أهل المدينة خائفين أن يكون الشيطان وراء هذه الفعلة وأن تفقس البيضة عن بازليسك أو كوكاتريس وهو وحش خيالي له جسم ديك وذيل ثعبان وجناحا خفاش كان أهل أوروبا في القرون الوسطى يعتقدون بوجوده. وقد حُكم على الديك المسكين بالإعدام، ونُفذ فيه الحكم حرقاً كما كانت العادة مع الهراطقة والسحرة
وفي إيطاليا عام 1519، قدمت الكنيسة للمحاكمة فئران مدينة ستيلفيو، لأنها أفسدت محصول الشعير في أحد الحقول، وحكمت المحكمة على الفئران بالنفي، ولكن، لأن رجال الكنيسة كانوا عقلانيين فإنهم أمروا للفئران بالحرس لحمايتها من القطط أثناء خروجها من المدينة، وأن للفأرة الحبلى أو المرضعة أن تنتظر أسبوعين قبل تنفيذ الحكم.
وفي فرنسا عام 1750، قُدمت أتان، أي أنثى الحمار، إلى المحاكمة بتهمة ارتكابها الفاحشة مع فلاح، ولكنّ الشهود شهدوا بعفة الحمارة فأُطلق سراحها، وحُكم على الفلاح بالإعدام.
وأما في عام 2014، فإن النائب العام لبلد عربي أمر بفتح التحقيق في قضية اتهم فيها أحد المواطنين دمية قماشية بأنها تنشر رسائل مشفرة للقيام بعمليات إرهابية.
السُّلطة ليست معتوهة ولا مجنونة، السلطة تعرف ما تفعل وتقصده قصداً كاملاً.
في العصور الوسطى كانت الكنيسة تؤكد بمحاكمة الحيوانات سلطانها على الأرواح كلها، أما في بلادنا فالهدف هو تجنين الناس. هو إفقاد الشعب توازنه وثقته بنفسه.
إن الحاكم حين يحاول أن يمرر حكماً معتوهاً تماماً ويمر، يصاب الإنسان المراقب لما يجري باليأس من الناس الذين مر عليهم هكذا حكم ولم يعترضوا.
وعليه فإن استتباب أية سلطة ظالمة يعتمد على تفتيت ثقة الناس بأنفسهم.
هدفهم أن تقبل الجنون لأنك تظن أن الآخرين يقبلونه. هي محاولة مدروسة
لتصبح عجينة في أيديهم يشكلونك كيف شاؤوا، فاحذر ولا تصدقهم وانتصر عليهم.
مع تميم
Tamim Al-Barghouti
تعليقات
إرسال تعليق